رام الله المحتلة - خاص قدس الإخبارية: شهدت قرى برقة وسبسطية وقريوت، يوم أمس الجمعة 17 ديسمبر 2021، اعتداءات جسيمة نفذها المستوطنون بحق الفلسطينيين وبيوتهم وممتلكاتهم، ووصل الأمر إلى إطلاق الرصاص، وذلك في أعقاب العملية التي نفذها فلسطينيون قرب مستوطنة حومش القريبة من نابلس، والتي أسفرت عن مقتل مستوطن وإصابة اثنين آخرين مساء الخميس الماضي.
وتأتي هذه "المجازر الاستيطانية"، بحماية كاملة من قوات الاحتلال، مع تغييب للمشهد المقاوم المنظم في الضفة الغربية المحتلة، بفعل التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، ووسط الدعوات إلى إيجاد لجان حراسة وحماية فاعلة لحماية الأهالي، لا سيما في المناطق القريبة من المستوطنات، والتصدي للمستوطنين.
في حديثه لـ"شبكة قدس"، يرى أمين عام جبهة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف، أنه "أصبح من الواضح أن الحملة التي يقوم بها المستوطنون الاستعماريون بحماية جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين، تهدف إلى كسر صمود وإرادة الفلسطينيين، وكان ذلك جليًا خلال اليومين الماضيين في أعقاب العملية الفدائية التي جرت قرب نابلس".
ويقول أبو يوسف: "إن المطلوب اليوم على مسارين، المسار الأول هو تفعيل كل الآليات التي لها علاقة بالمجتمع الدولي والمنظمة الدولية وخاصة الأمم المتحدة، وتفعيل قرار الحماية الدولية لشعبنا الفلسطيني المنصوص في الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي لم يجرِ وضع آليات لها لحماية شعبنا الفلسطيني من قوات الاحتلال وما يقوم به من إرهاب دولة منظم"."
لجان الحراسة.. دور شعبي
أما المسار الثاني لمواجهة اعتداءات المستوطنين، بحسب أبو يوسف، فهو تشكيل لجان حراسة ومقاومة لهؤلاء المستوطنين وكل من يحاول استباحة البيوت، والتصدي لهم، موضحًا: "لجان الحراسة والمقاومة مسألة هامة جدًا من أجل وقف هذا العدوان والجريمة التي يرتكبها المستوطنون، وهي أمر منوط بالفصائل والقوى جميعًا، وخاصة في البيوت القريبة من المستوطنات والتي تتعرض لهجمات المستوطنين".
بدوره، يشير الكاتب والمحلل السياسي عادل سمارة إلى ارتباط لجان الحراسة بالدور الشعبي المباشر، مشددًا على "ضرورة وجود لجان شعبية قاعدية في كل مكان من أهل المكان أو من المنطق المترابطة بعضها مع بعض، ونسميها لجانا موضعية أو موقعية"، "أي أن تكون هناك لجان حراسة دائمة من الأهالي، دون الحديث عن السياسة والسلطة، فهذا الموضوع لا يجدي كثيرًا"، على حد قوله.
دور الفصائل
وحول دور الفصائل، يضيف سمارة في حديثه لـ "شبكة قدس": أنا لا أعتقد أن الفصائل سيئة، ولا أعتقد أنها تقوم بدورها كما يجب، نعم يجب أن تكون الفصائل ضمن لجان الحراسة، ولكن ليس شرطًا أن تقودها، وهو ما لاحظناه أن العمليات الأخيرة تأخذ طابعًا أكثر من فردي، وهي روافع لتجاوز الأزمة وتوسيع النضال، ويبدو أن هناك تحسنا من هذا القبيل".
في الأثناء، يقول الناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي طارق عز الدين، إن الفصائل الفلسطينية مطالبة بوضع خطة واستراتيجية عمل موحدة لوضع آلية التصدي للمستوطنين، وتفعيل المقاومة الشعبية وتحفيز الجماهير الفلسطينية والفصائل للوقوف عند مسؤولياتها.
ويضيف عز الدين لـ"شبكة قدس": "قيام قطعان المستوطنين بالهجوم على الفلسطينيين في قرى الضفة وعلى مفترقات الطرق الرئيسية يحتاج إلى خطة عمل مشتركة، وآلية تحمي أبناء شعبنا في كل مكان، ولنا في لجان الحراسة التي كانت سائدة في الانتفاضة الأولى خير مثال، حينما كانت هذه اللجان تسهر على حماية القرى والمدن الفلسطينية".
ويشير إلى أن المستوطنين لهم تاريخ أسود مثل حرق عائلة دوابشة وحرق الطفل أبو خضير، مستطردًا: "دورنا كشباب فلسطيني حماية أنفسنا، مع التأكيد على أن ذلك لا يعفي الأجهزة الأمنية وفصائل المقاومة من دورها في التصدي للمستوطنين وردعهم حتى لا يتمادوا بشكل أكثر".
ويتابع الناطق باسم الجهاد الإسلامي قائلاً: "نحن نفتقر إلى وقوف الأجهزة الأمنية في وجه الاحتلال، وهو ما يتطلب من الشعب حماية نفسه بنفسه، عبر تشكيل لجان شعبية لمنع المستوطنين من الوصول إلى البيوت خصوصًا تلك الموجودة في الأماكن المتطرفة".
دور السلطة: ضرورة إحياء الحركة الوطنية
يؤكد رئيس الدائرة السياسية لحركة حماس في الضفة الغربية محمود مرداوي على أن ما يجري في قرى الضفة من اعتداءات المستوطنين، يؤشر على أن هذه المجموعات وُجدت لحماية مشروع يُرعى ويدعم من حكومة الاحتلال وبحماية من جيشه، وليس ردة فعل مجرّدة عن رؤية سياسية في المنطقة.
ويستدرك مرداوي، في حديثه لـ "شبكة قدس": "بالتالي، يجب أن يكون الرد موازٍ من حيث الإمكانات والوعي والاستعداد، والشعب الفلسطيني أثبت قدرته في كل المواقف والمحطات أنه قادر على الدفاع عن حقوقه، ولكن ما ينقصه هو الإمكانات والسياسات".
ويتساءل القيادي في حركة حماس: "لماذا لا تقوم السلطة بحماية الناس في هذه الأوقات؟، حيث لا يمكن أن يجد الفلسطيني نفسه أمام مشروع يملك دعمًا ماليًا وعسكريًا وسياسيًا مقابل مواقف ضعيفة جدًا من الأجهزة الأمنية، ولا يكفي "ركب الموجة" وشجب ما يجري، بل يجب أن يترجم التصريح والبيان - وما أكثر إصدارها بالأمس من حركة فتح والسلطة - في الميدان".
من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي أنه لا يمكن التصدي لهجمات المستوطنين دون إعادة الحياة للحركة الوطنية عمومًا في الضفة الغربية، وتشكيل لجان مقاومة شعبية من كل الأطر والفصائل داخل القرى، وأنه في المرحلة الأولى ليس من الضرورة وجود عناوين حزبيةٍ، على غرار نموذج قرية بيتا الذي أثبت نجاحه في مقاومة شعبية تمثل القرى، وينظم الناس أنفسهم بغض النظر عن خلفياتهم وانتماءاتهم السياسية والحزبية.
وينوّه عرابي، في حديثه لـ "شبكة قدس"، على ضرورة عدم احتكار حزب السلطة للمقاومة الشعبية، لأنها ستكون خاضعةً لتوجيهات وسياسيات السلطة، وهذا الأمر يعني أن تكون المقاومة محدودة وغير فاعلة أو مؤثرة، وتكون مجرد أداة في يد السلطة، وإقصائيةٍ لبقية القوى والفصائل، وهو أمر ينتهي بمرور الوقت إلى عدم وجود مقاومة شعبية.
ويستكمل عرابي حديثه: "إن الحل الجذري والناجع عمومًا هو إعادة الحياة السياسية والوطنية والنضالية في الضفة الغربية، وهذا الأمر يتطلب أن تعيد السلطة النظر في خطها السياسي العام، لأنه خط غير مجدٍ، ولا توجد أفق أو مفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي، وفي ذات الوقت هذه السياسات أدت إلى تعاظم قوة المستوطنين على الفلسطينيين في ساحة الضفة".
وبحسب الكاتب والمحلل السياسي، فإنه من المهم الآن أن تكف السلطة عن ممارساتها المتمثلة في ملاحقة الجنازات واستقبال الأسرى والكتل الطلابية والفصائل والاستدعاءات والاعتقالات، مشيرًا، "لا يعقل أن يكون هناك طرف فلسطيني يلاحق الفلسطينيين في الوقت الذي يتطاول فيه المستوطنون على الفلسطينيين في الشكل الذي نراه الآن".
ويقرأ عرابي في المرحلة الحالية، ضرورة أن توعز السلطة لحركة فتح، باعتبارها الفصيل الذي يتمتع بحرية الحركة والعمل في الضفة الغربية، بأن تبدأ بتشكيل لجان مقاومة شعبية في القرى والمخيمات والمدن، وأن تسمح السلطة لبقية الفصائل والعمل الوطني بالحركة والتنظيم".